نظم المجلس التنسيقي الأوروبي آمال (تحالف المساجد، والهيئات والقيادات الإسلامية في أوروبا) ندوة تفاعلية بعنوان “آمال وتحديات المسلمين في أوروبا”، يوم الجمعة 19 إبريل 2024 مساءا، في القاعة الشرفية لمسجد باريس الكبير، بمشاركة شخصيات من سبع دول أوروبية،
دعا رئيس المجلس التنسيقي الأوروبي آمال، عميد مسجد باريس، الأستاذ شمس الدين حفيز، في كلمته الافتتاحية لهذه الندوة، إلى “توحيد أصوات وجهود المؤسسات والشخصيات المسلمة في جميع أنحاء أوروبا، والدفاع عن رسالة الإسلام الحقيقية، ضد أي تطرف، وحماية كرامة ومواطنة مسلمي القارة”، مؤكدا أن “الإسلام الذي نمثله هو الإسلام الوسطي المعتدل، إسلام التضامن، إسلام السلام، إسلام الحوار واللقاء مع الآخر".
كما أكد رئيس المجلس التنسيقي الأوروبي آمال أن المسلمين في أوروبا يواجهون تحديات وصعوبات كثيرة، مشيرا إلى عديد الصور الكاريكاتورية والبيانات التي توصف الإسلام بأنه يخلق العنف منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر، موضحا أن هذا “غير صحيح”. كاشفا عن مشروع يتم التحضير له لتأسيس إطار للدراسات الإسلامية في فرنسا
كما شدّد رئيس المجلس التنسيقي “آمال” على ضرورة مشاركة مسلمي أوروبا في الانتخابات الأوروبية المزمع تنظيمها في جوان، وتفويت الفرصة على من يقرّر شأنهم بدوره، أكد الأمين العام المساعد لآمال، الشيخ فايد محمد سعيد، مفتي مسجد لندن المركزي، أن تعزيز القيم الإنسانية هي من أهم قيم الدين الإسلامي، مشيدا بتعامل الإمام في الغرب مع مختلف الديانات والثقافات، ملفتا إلى أن “همنا الأول هو خدمة ديننا ومجتمعنا".
واسترسل الشيخ فايد في التحدث عن الإسلام والمسلمين في المملكة المتحدة، بدءا بمسجد لندن المركزي ورواده الأوائل من أمثال اللورد هيدلي الذي اعتنق الإسلام، مشيرا إلى المشاركات الكبيرة لمسلمي بريطانيا في المجتمع والحقوق التي يتمتعون بها. معرجا على الصعوبات والتحديات التي تواجههم من الأصوات المتطرفة التي تندد بالإسلام والمسلمين.
من جهته، أشاد النائب الأول لرئيس المجلس التنسيقي الأوروبي آمال، الشيخ خالد ياسين، المنسق العام للمشيخة الإسلامية في كرواتيا، بالنموذج الكرواتي في التسامح والتعاون بين الأديان، مشيرا إلى أن كرواتيا اعترفت بالإسلام رسميا بصفة اعتبارية ورسمية في عام 1916م اعتراف كامل متكامل وليس ناقصا، وأن مسلميها ليسوا منعزلين عن المجتمع، لهم كافة الحقوق، وأنهم متحدين كلهم في جمعية إسلامية واحدة. وأكد سعيه إلى نشر النموذج الكرواتي المتميز في التعامل مع كافة الديانات، سواء تعلق بالأحوال الشخصية، أو التعليم الإسلامي في المدارس الحكومية، أو الإجازات الرسمية للأعياد الإسلامية، وغير ذلك. موجها رسالة إلى باريس أخذ النموذج الكرواتي في الاعتراف بالدين الإسلامي.
في حين، حذّر عضو مجلس إدارة آمال، الشيخ تاج الدين فرفور، الإمام في الأكاديمية الإسلامية في السويد، من ثالوث العنصرية والتطرف والجهل بالدين والقانون، مشيرا إلى أن العنصرية لا تنتج إلا التطرف، والتطرف لا يلد إلا العنصرية، معرجا على قضية حرق القرآن الكريم في السويد وخلفيتها، محاولا معالجة ظاهرة التطرف والجهل بالدين من خلال الالتزام بالتعاليم الإسلامية.
بدوره، أبدى النائب الثالث لرئيس المجلس التنسيقي الأوروبي آمال، الأستاذ عبد الصمد اليزيدي، الأمين العام للمجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا، اعتزازه بالنموذج الألماني الذي لم يفصل بين علاقة الدولة وبين الدين، مشيرا إلى أن الدستور يقرّ نوعا من العلاقة التشاركية بين المؤسسات الدينية وبين المؤسسات الممثلة للمسلمين. مؤكدا أن التربية الدينية حق لكل ألمانيا مهما كانت ديانته وثقافته. وأن الدين الإسلامي يُدرَّس في 7 جامعات ألمانية.
بينما تحدث عضو مجلس إدارة آمال، الشيخ أحمد تميم، مفتي أوكرانيا، عن النموذج الأوكراني في التعامل مع الدين الإسلامي، مبرزا مبدأ الحوار بين مختلف الطوائف الدينية، مشيرا إلى المجلس التنسيقي بين الأديان والذي يمثل 95 في المائة من المجتمع الأوكراني، وهو أحد مؤسسيه وترأسه مرتين.
من جهته، تطرق عضو المكتب التنفيذي لآمال، الشيخ حسام بن صديق خوجة، مدير مكتب رابطة العالم الإسلامي في إسبانيا ومدير مسجد مدريد الكبير، عن واقع الإسلام والمسلمين في إسبانيا، بدءا بحضارة الأندلس التي دامت ثمانية قرون، ثم ظهوره من جديد في بداية السبعينيات، إلى أن تم الإشهاد على ذلك بإمضاء اتفاقية عام 1992 بين الإدارة الإسبانية وبين مفوضية المسلمين في إسبانيا. ملفتا إلى “الحاجة إلى عمل موحد”، وأضاف: “ولعل ‘آمال’ يكون بداية ثمرة ونشاط لهذا العمل".
وكشف الأستاذ حسام أن “عملية التواصل المؤسسي بين الهيئات الإسلامية في إسبانيا في أعلى مستوياتها”، مؤكدا أن “رابطة العالم الإسلامي تعمل بجهد كبير لبناء الجسور ولبناء الثقافات والأديان، حيث وقعت على وثيقتين: وثيقة مكة المكرمة باعتبار وثيقة إنسانية لها روح وأساس ديني، ووثيقة بناء الجسور بين الثقافات والحضارات والأقليات والأديان في رمضان الفائت".
في حين، أبرز النائب الثاني لرئيس المجلس التنسيقي الأوروبي آمال، الدكتور أحمد بن سعد المفرح، مدير مكتب رابطة العالم الإسلامي في النمسا ومدير المركز الثقافي الإسلامي في فيينا، النموذج النمساوي في الاعتراف بالإسلامي باعتباره أول دولة غربية تعترف بالإسلام رسميا، مشيرا إلى مسيرة نشر الإسلام في النمسا إلى غاية الاعتراف بالهيئة الإسلامية التي تمثل المسلمين هناك.
واختتمت الندوة التفاعلية حول الإسلام في أوروبا، بنقاش عميق ومثمر بين المشاركين والحاضرين من الجالية المسلمة وبين المتحدثين السبعة، من تنشيط الأمين العام للمجلس التنسيقي الأوروبي آمال، فريد حناش.